الانتصار بالنقاط: سبعين سنة إلى الوراء
حسن ياسر عمر @hassanomar_99
في معركة الحق والباطل، لا تقتصر المسألة على المواجهات الظاهرة، بل هي معركة مستمرة، تحكمها قوانين الزمن والتاريخ. من أجل هذا، كان لابد أن نعي أن الانتصار لا يتحقق بمفاجآت عابرة أو ضربات عسكرية فورية، بل هو مسار طويل من المقاومة المتواصلة، التي لا تبدأ إلا بتفاصيل صغيرة، وتستمر عبر نقاط متتابعة تظل ثابتة وتراكمية.
"الكيان الصهيوني لن يدوم طويلًا لقد أوصل طوفانُ الأقصى وعامٌ من المقاومةِ في غزّةَ ولُبنان، هذا الكيانَ الغاصِبَ إلى أن يكونَ هاجسَهُ الأهمَّ حفظ وُجودِه، وهو الهاجسُ نفسُهُ الذي كانَ يُسَاورُ هذا الكيانَ في السنوات الأولى لوِلادَته المَشؤومة، وهذا يعني أنّ جهادَ رجالِ فلسطين ولبنان قَد أعاد الكيانَ الصهيونيَّ سَبعينَ سنةً إلى الوراء"
هذه الكلمات تحمل في طياتها مفهومًا عميقًا يربط الماضي بالحاضر، ويؤكد أن التاريخ ليس حلقة مغلقة، بل هو سيرورة مستمرة تتشكل بتكرار التجارب وتراكم المواقف. إن العودة إلى البداية هي إشارة إلى أن المشروع الصهيوني في فلسطين، رغم كل ما يراكمه من قوة مزعومة وغطاء إعلامي، لا يعدو كونه استمرارًا لسيناريو قديم، بدأ مع وعد بلفور، وتأسيس كيان غريب عن هذه الأرض، ويستمر اليوم بنفس الأساليب، ليواجه نفس المقاومة التي بدأت منذ أول يوم احتلال.
العودة إلى البداية، دلالة الاستمرارية
إن العودة إلى البداية تعني أننا لا نبدأ من نقطة صفر جديدة، بل نحن نعيد تركيب الأسس التي بنيت عليها هذه المعركة. فكل نقطة من نقاط الانتصار التي تتحقق اليوم، هي نتيجة لتلك المقاومات المستمرة، التي رغم انكسارها الظاهر، إلا أنها تظل بذرة لتحوّل كبير في المستقبل. كما بدأ المشروع الصهيوني يتغلغل في الأرض الفلسطينية، ها هو اليوم يواجه مقاومة لن تنكسر، ولن تهادن.
المشروع الصهيوني: بداية مستمرة ونهاية محتومة
العدو لا يزال يحاول أن يعيد صياغة الواقع بطرق مبتكرة، ولكن الحقيقة أن النهايات كانت دائمًا منطقًا ثابتًا: كلما أمعن في الإجرام، كلما زادت المقاومة وتراكمت النقاط في مشروع التحرير. إنهم عادوا إلى بداياتهم في مسلسل الانتهاكات، ومع كل محاولاتهم لتصعيد الهجوم، إلا أنهم يعيدون تأكيد مسار النهاية التي بدأ بها كل شيء.
التحدي في الثبات على الجادة
إن ما يجب أن يتعلمه الجميع من هذه النقاط هو ضرورة التمسك بالمبادئ، والرجوع إلى الجادة الرئيسية في مواجهة هذا المشروع. إن المحطات التي مرت بها حركات المقاومة، هي سلسلة من العودة إلى البداية، بكل ما تحمل هذه العودة من قوةٍ ووعيٍ وإصرار. من هنا نرى أن الثبات على هذا المسار هو نفسه جزء من الانتصار بالنقاط، إذ يمكننا أن نلاحظ كيف أن المشاريع الكبرى تبدأ غالبًا من لحظات ضعيفة، ثم تتراكم لتصبح نقطة تحول في تاريخ الأمم.
التعليم المستمر للأجيال القادمة
إن هذه العودة إلى البداية ليست مجرد مراجعة للماضي، بل هي دعوة للأجيال القادمة لتمثيل هذا الفهم على أرض الواقع. فمن خلال الوعي العميق بتاريخ هذه المقاومة، يمكن للجميع أن يتحركوا بشكل منسجم، ليس فقط في فلسطين بل في سائر الساحات. نحن لا نخوض معركة فاصلة واحدة، بل هي معركة مستمرة، نحن نعيد خلق الطريق الذي بدأناه.
النقاط تراكمية ولا تنتهي
لا تقتصر هذه العودة على نقطة واحدة في الزمن، بل هي استراتيجية متواصلة فنحن نتحدث عن العودة إلى جذور الفكرة نفسها، من بداية الوعي الثوري إلى حقيقة المواجهة، مرورًا بكل محطات الصمود والتضحيات.
إن العودة إلى البداية اليوم هي ذاتها المحرك للثبات، وركيزة للانتصار الذي يظل يتراكم نقطة بعد نقطة. هذه الحقيقة ليست مجرد تصوّر نظري، بل هي تجربة مستمرة، يقينًا تحقق الانتصار بالنقاط.