منذ أكثر من عام، والحشود المليونية لم تتوقف في اليمن، سواء في صنعاء أو في المحافظات المختلفة، وليس هناك شعبٌ على وجه الأرض استمر في النشاط الشعبي المؤيد للطوفان دون سأم أو فتور مثل أهل اليمن. ناهيك عما قدمته جبهة الإسناد. تذوب في لافتاتهم وهتافاتهم وأشعارهم المذاهب والأطياف وكل الفوارق، وتتعانق أعلام بلداننا ورايات حركات المق.ـاومـ.ـة كلها،وتُصبح وحدة الأمة صورة مجسدة تنطق بلسان الحكمة اليمانية.
عندما نشاهد ذلك، لا نملك إلا أن نتمنى، "ألا ليت اليمن كانت أقرب إلى غزة، ألا قرّب الله مسكنهم كما قرّب أفئدتهم وأرواحهم". وفي نفس الوقت نتساءل: "لماذا؟" ما سر هذا الالتزام الغريب والاستمرار في تنظيم المظاهرات والفعاليات الشعبية؟
هذا الالتزام يضرب به المثل في واجب المؤمن البعيد عن الجبهة لأي سبب، الذي يتعرض إخوانه للهجوم ومنعه مانع ما. هذا المسلم هل يعيش حياته كما كان ويرتضي أن يكون هذا القتال "شريطًا إخباريًا" يراه بالصدفة ولا يشغله سائر يومه؟ أو يتحول إلى مادة للمشاهدة عبر مواقع التواصل وحسب؟
كلا، ينبغي للمؤمن الحقّ أن يحدّث نفسه ويتمنى من الله صادقًا فيقول "ليتني كنت معهم"، ينبغي أن تظل المسألة حية في ذهنه ووعيه، أن يهمّه الأمر وأن يواسي أهله المستضعفين والمقـ.ـاومين ما استطاع، ولو بوقفة أو بهتاف. ينبغي أن يكون نصب عينه قول الرسول (ص): "مَن ماتَ ولم يغزُ ولم يحدِّث نَفسَهُ بالغَزوِ ماتَ علَى شُعبةٍ من نفاقٍ". أقل القليل ألا تدع وعيك يتخدّر كما فعل الأغلبية للأسف الشديد.
أقامت اليمن الحُجة على الأمة في يقظة الوعي والمواساة بالقلب واللسان واليد. كل التحية لكل من شارك وهتف اليوم "جاهزون.. جاهزون"، مدوية في وجه الاستكبار العالمي.



