التكليف مصطلح فقهي يعني التزام المُكلّف (أي الإنسان البالغ القادر العاقل إلخ) بما يقتضيه الشرع.
والتكليف الإلهي من وجهة نظر اللغة قد يكون مُشتقًا من الكلفة أي المشقة، وقد يكون مشتقًا من الكلَف، أي شدة الحب. وكلا المعنيان صحيح، لأن المؤمن لشدة حبه لله يتحمل كل المشقة في سبيل طاعته ورضاه سبحانه
وقد اكتسب هذا المصطلح مركزية كُبرى في أدبيات المقاومة الإسلامية التي تقوم فلسفتها على جوهر الإسلام الذي يدعو إلى احتكاك الإنسان بواقعه وعدم الانزواء عن قضايا الأمة على المستويات كافّة.
عندما نسمع من القادة كلمة "التكليف" فماذا يعنون؟ المقصود أني كإنسان أعطاني الله ملكات معيّنة كالذكاء أو فصاحة اللسان أو قوة الجسد، ووهبني رزقًا في المال أو الولد، وعلّمني وسترني وكساني وأنعم عليّ... هذه النعم الإلهية كلّها يريد الله أن يرى كيف أخدم أمته ودينه ورايته بها.
التكليف إذن يعني أمرين:
أولًا: أن أبحث عن مراد الله منّي والدور الذي يريدني أن أؤديه، لماذا خصّني بتلك المواهب والنعم؟
ثانيًا: أن أقوم بهذا الدور على أكمل وجه، على قدر اجتهادي وبما آتاني الله، أن أعمل ليكون ذلك ردًا على سؤال الله يوم لا يؤذن لأحد أن يعتذر أو يلقي حججه.
التكليف أيضًا يشمل الأُمة، كل أُمة تُحاسب كمجموع عن تكليفها، هذا من وجهة نظر السيد باقر الصدر حساب آخر غير الحساب الفردي، وهذا هو تفسيره لآية "وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" ﴿الجاثية: ٢٨﴾... وعلى قدر المقدّرات التي منحها الله لهذه الأمة تكون شدة الحساب.
لذلك يأتي المستكبرون ليعموا الناس عن هذه الحقيقة، يريدون أن يكون كل إنسان دائرًا في ساقية محورها نفسه فقط، أن يرى تكليفه الشرعي في الصلاة والصيام والعبادات، أما ما يقع خارج حدود سلامتي الشخصية فلا يعنيني في شيء، أن تخرج القدس من دائرة تكليفي، ويخرج إخواني المستضعفين من دائرة تكليفي.
وفي المقابل، عندما يركز الخطاب المناهض للاستكبار العالمي على مصطلح "التكليف" ويؤكد على مركزيته، فهو لا يدعو إلى المغامرة ولا إلى إلقاء النفس في التهلكة كما يدعي المتخاذلون والمخذّلون، وإنما يدعو إلى أن تبذل الأمة وأفرادها كل جهد ممكن لإقامة الحق، ولا يرضى أحد من نفسه بأقل من ذلك، وأن تُدفع الأثمان برضا وتسليم، ونستعين بالله تعالى، وحينها فقط سنستحق وراثة الأرض في الدنيا والنجاة من النار في الآخرة.