But Allah will complete (the revelation of) His Light
وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ

مشروع السماء وصراعٌ أَزَلي
نهايته نصرٌ موعود وتمام للنور الإلهي

يتَصَوّر البعض أن الصراع الذي تشهده الأمه مع المستكبرين هو ولادة هذا العصر، فما يلبثوا أن يُلقوا ببعض اجتهاداتهم لاستنهاض وعي الأمة حتى تفتر عزائمهم وتَخِرّ قواهم، فنجدهم قد تَحَوّلوا لأداة تبثّ اليأس وروح الانهزامية، بل ويَقِرّونَ مِن عدمية جدوى المحاولة، مُكرّرين بعض الكلمات التي تُظهر عمق جهلهم مثل: "هذه أسوأ أمة في تاريخ البشرية" "لقد أسمَعتَ لو ناديت حيـًا، ولكن لا حياة لمـن تنادي"، غافلين أن الصراع بين الحق والباطل ابتدأ منذُ إعلان الشيطان معاداته لأبينا آدم عليه السلام {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ}

فحَشَدَ قواه وأَعدّ عدَتّه وعزَمَ على القعود في كل موطن لتحريف بنو البشر عن استقامة الطريق {لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ}

فكانت الحكمة من خِلقَة أبينا آدم وانتقاله من أصل موطنه "الجنة" إلى الأرض هي "الخلافة الإلهية". وهوَ ما بيّنه الله لملائكته {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}

وهذه الخلافة من أهم ركائزها القِسْط {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسطِ}.

إذًا فالمشروع الإلهي بالقِسط أُنزِلَ منذُ أوّل مخلوق بشري، وهو يُقام في إطار الصورة الكبرى من الصراع بين الحق والباطل، وحمَلَه الأنبياء والرسل وبَذَلوا عظيم التضحيات لتبقى الراية مرفوعة، فأثمَرَت اليوم ببقاء جذوة النضال والأمل مُشتعلة في قلوب ثُلة مُخلصة مُستبصِرَة أدرَكَت تكليفها والغاية من وجودها، فق/اومت جبهة الباطل من أولياء الشيطان الممتثلين في "أمريكا وإسرائيل"، وستمتد المسيرة ويُحمَل هذا المشروع ويستمر العمل الدؤوب على أيدٍ صادقة اختارت أن تكونَ جُزءًا ممن يصنع الانتصارات المتراكمة حتى يأتي سليل النبوة، فيملأها قسطًا وعدلاً كما مُلِئَت ظُلمًا وجورًا، وهنا ستُحسَم النتيجة النهائية للمعركة الكبرى فتَتَحَقّق غَلَبة الحق وسُموّه وينكسر الباطل ويزول بوعد إلهي "وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ“.

كان سماحة الأمين والش/هيد الأقدس (رض) مُدركًا ضرورة إكمال المسيرة وبَذل الثمين فيها لأنه خيار متوافق مع السُنّة والغاية الإلهية فقال:

"هذا الطريق سنُكمِلُه، لو قُتِلنَا جميعًا، لو استُشهِدنا جميعًا، لو دُمّرَت بيوتنا على رؤوسنا لن نَتَخَلّى عن خيار المق/اومة الإسلامية"

ثُمّ خاطب المؤمنين مُستدعِيًا همّتَهُم وقوة إرادتهم موضّحًا النتيجة الحتمية:

"يا أشرَف الناس وأكرم الناس وأطهَر الناس سنُواصل الطريق، لن تضيع دماء الش/هداء وسننتصر في نهاية المطاف"

كما أن للدكتور فتحي الشقاقي مقولة حين أسس حركة الج.هاد الإسلامي في السبعينات:

"عندما بدأنا هذا الطريق كُنّا نعرف أن تكاليفه صعبة جداً، لكن هذا هو واجبنا وخيارنا المُقَدّس"

وصَفَهُ بالخيار (المُقَدّس) لقُدسِيَّتِه عند الله فأصبحَ تكليفًا يَلزمنا جميعًا آداءه لتحقيق الحكمة الإلهية من وجودنا.

وعلى الرغم مِن طول الطريق والعقبات خلاله إلاّ أن الأمر يستحق، فرسالة السماء التي فيها منفعة لأهل الأرض تستحق، وحفظ أمانة الرسول وإحياء دماء الش/هداء والوفاء لكلّ من سار على هذا الدرب يستحق، فبسم الله نُوسّع الأُفُق ونَمُدّ النور مُكمِلين درب الأنبياء بمشروعٍ مضاد للباطل، ركيزته القرآن وعترة آل البيت عليهم السلام، عسى أن نلقى الله في مقامٍ كريم يليقُ بروحه العزيزة المنفوخة فينا.

تاريخ النشر 22-04-2025
اقتباسات أخرى ذات صلة