spiritual fitness
اللياقة الروحية

من دواعي التأمّل أن أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله، الذي رواه عنه اثنتين من أمهات المؤمنين وبعض أصحابه، بمعنى أنه كان يدعو به بين أهل بيته والناس، هو: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك". فإن كان هذا حال صاحب القلب المعصوم، فكيف تثبُت قلوبنا نحن؟ هل يكفي الإيمان أو الانتماء للدين الصحيح والفكر الصحيح؟

في إحدى روايات هذا الدعاء، يستغرب بعض الصحابة، فيسألون: "قالوا : يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: نعم"، يعني أن مجرد الإيمان وحده ربما يكون غير كافٍ.

هذه النفس التي ألهمها الله فجورها وتقواها تميل بطبعها إلى الباطل كونه الخيار الأسهل، ولأنه لا يطلب من المجاهدة ما يتطلبه الحق. ولذلك فإن الثبات على الطريق نحو الله يحتاج إلى لياقة روحية ورياضة مستمرة. الهُدَى ليسَ فعلًا يحدث مرة واحدة وحينها يصبح الإنسان في مأمن، وإنّما هو اختيار مستمرّ لا بد أن يقوم به الإنسان، تمامًا كالتمارين الرياضية التي إن توقفت، بدأ الجسم في فقدان قوته ومرونته.

عندما يقول الله تعالى: "فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ"، فإنه يصوّر لنا الهُدى كأنه حبل ممدود من السماء، وعلى المؤمن أن يتمسك به لينجو من المهالك. ولكن هذا التمسّك لو توقّف، لو تراخى الإنسان في الرقابة الذاتية، فإن السقوط هو المصير الحتميّ.

الاستمساك بالعروة الوثقى يحتاج مُبادرة، بإعداد النّفس للتعامل مع الفتن، بالتعلّم والتثقّف والتفقّه، بتزكية النّفس العاشقة للطاغوت والجامحة نحو منطق اللذة والقوة.

تاريخ النشر 18-05-2025