Believe in the morning what is revealed to the believers
آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ

كل تصعيد جديد في هذه الحرب يجلب معه جمهور جديد من الناس لم يكن متابعًا جيدًا للأخبار، وليس على دراية كبيرة بخلفية الصراع أو الاصطفافات القائمة، ولا حجم التضليل الذي تعرض له الجمهور العربي خلال العقود الماضية، ولا سبب الحذر الشديد الذي نتعامل معه عندما نرى تغيّرًا من بعض الشخصيات واتجاههم إلى الدعم المتحمس للمحور.

على سبيل المثال، عندما ننشر عن كي الوعي الذي تقوم به الجزيرة، تأتينا رسائل كثيرة تستغرب وتقول "ماذا عن فلان أو فلانة في القناة؟" أو "لقد تغيّرت التغطية في الآونة الأخيرة"

يقول أمير المؤمنين (ع) في أهمية اليقظة: "العقل يوجب الحذر والجهل يجلب الغرر"، أي أن العاقل هو من يفكر في كل ما يسمعه ولا يقبله دون تمحيص. فليس كل دعم أو تهليل لصواريخ المقـ//ومة هو تأييد صادق، بل أحيانًا يكون ذلك مقدّمة لإحداث هزة في المجتمع المؤمن.

في الآية بالمنشور، يسجّل القرآن حيلة من حيل المعسكر المعادي للمسلمين، حيث يقول بعضهم لبعض أن يتظاهروا بالإيمان لحين من الوقت، وأن يمثلوا أنهم اقتنعوا فعلًا بما يدعو إليه هذا النبي وبالقرآن. ثم بعد آن قصير (يشبهه القرآن بأنه كالنهار الواحد) يتغير موقفهم، فيفتتن بذلك بعض المؤمنين ويهتز يقينهم فيكفرون.

اختراق المجتمع المؤمن بهذه الكيفية هو ما يحذر منه الله، وهو أحكم الحاكمين، لأن خطورة الشبهات عندما تأتي من أشخاص في نفس الصف تصبح مضاعفة، وضررها يكون أصعب في العلاج من الشبهات التي يلقيها العدو. وتلك هي الاستراتيجية التي يتبعها هؤلاء المناصرون الجدُد للقضيّة، يكسبون ثقة الجمهور، ويزداد عدد متابعيهم، ويصبح لرأيهم وزن بين الداعمين الحقيقيين للمحور، ثم في لحظات الارتباك والحيرة، يبثون الإحباط والانهزامية بنبرة الناصح الأمين.

ليس الحل في الشك المفرط وإنما في اتباع الأمر الإلهي: "يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا"، فأول الإعداد للمعركة هو الحذر، وقبل استنفار الجيوش، لا بد من استنفار العقل والحواس.

من السهل جدًا أن نسمع نبرة الدعم المطلق الآن عندما برقت صواريخ إيران وسالت الدماء الزكية وفقعت الأعين في لبنان. ولكن لا تقاس المواقف في مثل هذه الأوقات.. أوقات الذروة. بل تقاس في الليالي الحالكة، عند هدوء البنادق وخمود الخنادق، عندئذ تنكشف معادن الناس ويفرز المخلص من المتلون أو فاقد البصيرة.

لا نعلم ولا نتهم أو نشك في الكل، ولكن الثقة عملة عزيزة الآن، استثمارها في أشخاص لم نجربهم في المواقف الصعبة ليس أمرا حكيمًا، والصواب هو التريث حتى يتغير المشهد وتُصبح الكَرَّة للعدو، حينها تبدي لك الأيام ما كنت جاهلا.

تاريخ النشر 22-06-2025
اقتباسات أخرى ذات صلة