الأسئلة بالمنشور من رسالة للدكتور محمد جمال @drjamal1، الذي ترك أهله وبيته وحياته وانضم إلى أسطول الصمود المتجه الآن إلى غزة، كي يقيم عذره وحجته أمام الله بأنه لو كان حيًا حين دعا داعي الحسين عليه السلام، فإنه كان سيكون من الملبّين. {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}
هل أستطيع مقاومة دوار البحر الذي يصيبني حتى في القطار وأثناء قيادتي لسيارة؟ هل أترك محاضراتي وعملي و إجازتي في إيطاليا لأركب في قارب يتلاطم عبر الأمواج وأنا عدو البحر؟ أترك موعد الإعلان عن روايتي التي ظللت أكتبها خمسة سنوات؟
***
اليوم نبحرُ لليوم السادس عشر نحو غزة.. نحن على أعتاب ساعاتٍ من تقرير مصيرنا في هذه الدنيا.. في شعرٍ جميلٍ جلال الدين رومي يقول فيه: كنا نخاف من خطر البلاء.. نحن الآن في عين البلاء فلا يوجد ما نخاف منه.. هكذا هو حالنا.. والبحر يا أحبائي يمتلىء بالله في كل أرجائه..
***
لا يوجد مكانٌ طبيعي تستشعر فيه عظمة اللّٰه كما البحار.. هناك قوة من حولك تتجلى كلما زاد ضعفك.. وسط الموج الهائج في الليل الحالك والطائرات المسيرة تقصفنا..نرى النجوم وغبارها والشهب التي لو هبطت على الأرض لمسحت كل ما عليها.. كل ما أخافه هو أن أفقد هذا الشعور الذي أنا فيه إذا عدنا لما كنا عليه..
***
الموت في موت أرواحنا وضمائرنا.. في الشلل الذي يُحْدِثْهُ حبنا لهذه الدنيا وتَمَلك تفاهاتها لنا.. في الخوف من أن يزعج موقفنا أحدا فتقل حظوظنا في منصب وجاه.. ما أقبح الرجال الصامتين عما يجري في غزة.. سيندمون على موقفهم هذا أبد الدهر وسيسألهم اللّٰه أول ما يسألهم عنها
***
أما لو سألتني ما هي الشرارة الأولى التي دفعتني لما أنا عليه.. فنحن في زيارة الإمام الحسين بطل كربلاء نقول: السلام عليك سلام من لو كان معك في الطفوف لوقاك بنفسه حد السيوف.. هكذا سمعت في طفولتي وعليها كبرت.. السؤال الذي دائما أسأله: أين الحسين في هذا العصر فلا أتركه.. أين كربلاء فلا أتخلف عن الركب والفتح المبين.. ولا شك أن ما يجري في غزة يستدعي موقفا لا يتحمل التخلف والتأجيل..
***
الحمدلله الذي تفضل وتحنن علي فجعلني علي هذا القارب.. ولا أدري ما الذي فعلته حتى أستحق منه هذه النعمة العظيمة.. نحن الآن من دون أي سند سواه.. نحن بين يديه.. نحن تحت رحمته وهو ولينا وكافلنا وناصرنا مهما طال الزمان أو قصر
- الدكتور محمد جمال