السلام عليكم

"{وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} كدلالةٍ على الخبث والعداوة والاستهانة بك، وقد جاء في أسباب النزول بما معناه أن أناساً من اليهود دخلوا على رسول الله(ﷺ) وقالوا: السام عليك يا أبا القاسم. والسام هو الموت. فقال الرسول: وعليكم، فنزلت هذه الآية. وقد دلّت هذه الرواية على اللباقة الرائعة التي كان يتمتع بها الرسول(ﷺ)، حيث كان يردّ على العدوان، بكل هدوءٍ وإخلاصٍ، من دون إثارة أية مشكلةٍ أو ضجة، ليفهم المعتدي طبيعة الرد، فيتصاغر لدى نفسه، ويعرف بأن الرسول لم يكن ساذجاً في موقفه ليترك للسخرية أن تأخذ مجالها في طريقتهم، ليذهبوا ويقولوا لجماعتهم بأن الرسول لم ينتبه للفرق بين كلمة السام وكلمة السلام، إذا أجابهم بقوله: وعليكم السلام. وربما نحتاج إلى استيحاء هذا الأسلوب في ما قد نواجهه من أمثال هذا الأسلوب من أعداء الإسلام، لنتعلم اللباقة الهادئة في الرد، في مواجهة هذا المنطق.

{وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} أي لو كان محمد نبياً لنزل علينا العذاب بما نقوله من الكلمات التي تتحداه وتسخر به وتسيء إليه، تماماً كما لو كانوا يستعجلون العذاب كدليلٍ على عدم صدقه. ولكن الله يجيبهم على ذلك بأن النتيجة التي سيصلون إليها إن عاجلاً أو آجلاً ستعرفهم حقيقة الموضوع. {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} فقد أعدها الله للكافرين وللمعاندين".

تفسير من وحي القرآن للعلامة محمد حسين فضل الله

تاريخ النشر 06-04-2022