(قَوْلًا ثَقِيلًا) أي القرآن الكريم، ولكن اختلف أهل التأويل في معنى (ثَقِيلاً)؛ فهناك من قال الثقيل أي النفيس، "العظمية معانيه، الجليلة أوصافه"، وهناك من قال إن الثقل يتمثل في الثقل المادي أي "الضغط والتأثيرات الشديدة التي كان يتعرض لها النبي في جسده عند نزول الوحي عليه" وقيل ثقيلا أي "ثقيلا العمل به، مهيبا أو شديدا لما فيه من التكاليف" (تفسير الوسيط). وهذا الرأي الأخير هو الذي نميل إليه. أي أن الثقل يتمثل في ثقل المسؤولية التي تضغط على الإنسان المسلم وتدفعه إلى الالتزام الفكري والعملي بتعاليم الله عز وجل، وتحول حياته من ساحة للاسترخاء واللامبالاة والسعي وراء اللذة والشهوات إلى ساحة لتهذيب النفس (من وحي القرآن).
وكثيرًا ما نجد في موروثنا الإسلامي ارتباط صفة الثقل بالحق. قال الإمام علي عليه السلام "الحقّ ثقيل مريء، والباطل خفيف وبيء". ولذلك يسهل على المرء الميل إلى الباطل إذا لم يجاهد نفسه (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا).
كما نجد استخدام مصطلح "الثقل" في خطبة الرسول صلى الله عليه وآله يوم غدير خم حيث قال: (إني تارك فيكم الثّقلين، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي) كتاب الله هو الثقل الأكبر وعترته الثقل الأصغر. ولعل المقصود أن اتباع تعاليم القرآن الكريم وسنة رسول الله ﷺ المتمثلة بأهل البيت عليهم السلام ليس بالأمر اليسير ولذلك قال الإمام الصادق عليه السلام "إن أمرنا معشر أهل البيت صعبٌ مُستصعَب".
ملاحظة: حديث الثقلين بصيغة "عترتي أهل بيتي" من الأحاديث المتواترة في أعلى مراتب الصحة. الحديث مخرج في حديث مسلم وفي مسند ابن أحمد ومستدرك الحاكم وغيرهم ولكن الصيغة الشائعة هي "كتاب الله وسنتي" وهو حديث ضعيف (وإن كان متنه ومعناه صحيح) لم يخرجه لا البخاري ولا مسلم ولا أبو داوود ولا النسائي ولا الترمذي ولا ابن ماجه.