To have nothing to do with something
لا نَاقَةَ لي فيها ولا جَمَل

"لا ناقة لي في هذا ولا جمل"

من الأمثال العربية الشائعة، وهي مقولة يُستشهد بها عندما يريد المرء اعتزال صراع أو خلاف بين طرفين. وفي أحيان كثيرة يُستشهد بهذا المثل لتبرير الموقف السلبي والرمادي من النازعات. ويدعي البعض أن الحياد بين طرفين متنازعين يقي المحايد من الأذى والضرر.

ولكن الرد على الذين يستشهدون بمقولة " لا ناقة لي في هذا ولا جمل" يكمن في معرفة قصة المثل. فهل سلم فعلًا من اعتزل أمرًا لا ناقة له فيه ولا جمل؟!

القصة هي أن كليب بن ربيعة التغلِبي قتل ناقة البسوس (امرأة في ضيافة البكريين)، فقتله جساس بن مرة البكري بها، فعندما دقت طبول الحرب، ذهب وفد من قبيلة بكر بن وائل إلى الحارث بن عُبَاد الشيباني البكري يطلبون عونه في حرب البسوس ضد أبناء عمومتهم التغلبيين ولكن الحارث بن عُبَاد اعتزل الحرب وقال قولته الشهيرة "لا ناقة لي في هذا ولا جمل".

واستمرت الحرب ٤٠ سنة وكانت أشأم الحروب التي عرفها العرب في الجاهلية وظل الحارث بن عُبَاد في عزلته إلى أن قتل التغلبيون ابنه الوحيد بُجير، فنظم الحارث بن عباد أبيات يرثي ابنه بُجير وعبر فيها عن ندمه على اعتزال الحرب وكيف أن الحرب آذته رغم اعتزاله إياها وقال:
"لم أكن من جناتها علم الله
وإني لحرها اليوم صال

قد تجنبت وائلًا حتى يفيقوا
فأبت تغلب علي اعتزالي"

فانحاز بعدها الحارث بن عباد إلى قومه البكريين وكانت الدائرة على التغلبيين، وحسم الحرب وأنهاها في يوم تحلاق اللمم للبكريين.

إذًا صاحب المقولة نفسه ندم على موقفه الرمادي والسلبي.

يمكن للقارئ العودة إلى موسوعة المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام وكتاب أيام العرب في الجاهلية.

✍🏼 د.عمر بكري @physicianphilosopher
طبيب وباحث في علم الأعصاب،
مهتم بالفلسفة والتاريخ والأدب العربي.
•••
أصدقاء ضاد: سلسلة جديدة من المنشورات سنخصصها لعرض مساهمات أصدقاء صفحة ضاد الأعزاء. هدفنا طرح مواضيع متنوعة من وجهات نظر مختلفة وتسليط الضوء على شعراء وكتاب وباحثين ومهتمين بالشؤون الثقافية والفكرية من جميع أنحاء الوطن العربي.

تاريخ النشر 10-01-2022