مما قاله الإمام علي في حق المسيح عليهما السلام:

وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ وَيَأْكُلُ الْجَشِبَ وَكَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ وَسِرَاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ وَظِلَالُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَفَاكِهَتُهُ وَرَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ وَلَا وَلَدٌ يَحْزُنُهُ وَلَا مَالٌ يَلْفِتُهُ وَلَا طَمَعٌ يُذِلُّهُ دَابَّتُهُ رِجْلَاهُ وَخَادِمُهُ يَدَاهُ

الإدام: ما يخلط به الخبز ونحوه ليلين ويطيب أكله وقد يعسر أكل الخبز خاليًا عنه. ولعل المعنى حسب المفسرين ان المسيح رغم الجوع يكتفي بالخبز ولا يطلب غيره (فكأن الجوع بمنزلة الإدام)
.
ومعنى الجشب آتٍ من الغلظة والخشونة. فالجشب من الكلام ما جفا وخشن منه والجشوب من الناس هو من يتصف بالغلظة والخشونة والجشب من الطعام هو ما كان جافا وخشنا وقيل أيضا أن الجشب بفتح الشين هي الطعام بلا إدام
.
وجشوبة العيش بشكل عام هي ما توصف به حياة البسطاء والفقراء من الناس وهي التي لطالما سعى لعيشها الأولياء والصالحون كما ذكر أمير المؤمنين عن المسيح عليهما السلام
.
وقد كررها في موضع آخر وهو يقول عن نفسه
أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، ‏أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ
.
إن جشوبة عيش عيسى عليه السلام
لم تكن نتيجة فقره او ضعفه عن التلذذ بما تحت يديه من دنيا اخلفه الله عليها، نعم وهو ابن من كلما دخل عليها زكريا وجد عندها رزقا

وكذلك علي الذي كان على خزائن المسلمين وهو الذي يقول لو شئت لاهتديت الطريق الى مصفى هذا العسل ولبائب هذا القمح

بل لأن هذه الجشوبة - مع الاقتدار على رفعها- هي رياضة تهذيبية للنفس تزرع فيها القناعة من جهة والإحساس بضعاف الخلق من جهة أخرى، وهذا هو المثل الأسمى الذي يضربه لنا السيد المسيح صلوات الله وسلامه عليه.

عيد ميلاد سعيد لكل مسيحيي العالم
.
✍🏼 السيد محمود البلادي 🇧🇭
‏@sayed_ma7mood
ماجستير إدارة أعمال،
مهتم بالأدب العربي وكل ما يرتبط بال"ضاد"
•
أصدقاء ضاد: سلسلة جديدة من المنشورات سنخصصها لعرض مساهمات أصدقاء الحساب. هدفنا طرح مواضيع ووجهات نظر متنوعة وتسليط الضوء على شعراء وكتاب وباحثين ومهتمين بالشؤون الثقافية والفكرية من جميع أنحاء الوطن العربي.