🔊 أداء المطربة سعاد محمد
احتفالا بالمولد النبوي، سننشر هذا العام مقاطع من بردة كعب ابن زهير والبوصيري، ونهج البردة لأحمد شوقي، إذ إن هذه القصائد تعد الأشهر في مدح النبي صلوات الله عليه وآله. والقصيدتان الثانية والثالثة نسجا على منوال كعب بن زهير، وتعتبر قصيدة شوقي معارضة للبوصيري، والمعارضة هي نسج قصيدة على منوال قصيدة أخرى، أي على وزنها وقافيتها وغالبًا في نفس موضوعها.
القصيدة الأولى لكعب ابن زهير، وهو من الشعراء المخضرمين، كتب القصيدة اعتذارًا للرسول ﷺ بعد أن كان هاجيًا له:
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً
والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
فعفا عنه النبي وأعطاه بردته، أي كساءه، وقد عارضها شعراء كثيرون أهمهم البوصيري وشوقي، ومؤخرًا تميم البرغوثي.
.
تبدأ القصائد الثلاثة بالغزل كعادة الشعراء العرب، وهو استهلال يحنّ فيه الشاعر إلى ماضٍ كان يشعر فيه بالأمان، كأنه فردوس مفقود، ثم ضاع وصار الشاعر يهيم على وجهه، إما في الصحراء ككعب، وإما في اللذات كالبوصيري وشوقي. ويصير إدراك حالة الضياع هذه مدخلًا لمدح النبي باعتباره المنقذ من الضلال والأمل المنشود.
وبهذا يأتي التسلسل المنطقي لقصائد البردة، حنين لماضٍ لن يعود، ثم ضياع ويأس، ثم العثور على السراج المنير المتمثل في النبي، مما يدعوهم إلى مدحه وذكر معجزاته وصفاته، وأخيرًا الختام بضرورة الاقتداء بسيرته حتى يفوز الإنسان في الدنيا والآخرة.