We have only sent you [O Prophet] as a mercy to humanity
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

{وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} لأنك جئتهم بالرسالة التي تنفتح عليهم في كل أمورهم لتقودهم إلى الصراط المستقيم في الدنيا، وإلى النعيم الخالد في الآخرة، وتثير فيهم كل نوازع الخير، وتبتعد بهم عن نوازع الشر، وتركز العلاقات فيما بينهم على أسس ثابتة من القيم والمبادىء، فلا تهتز ولا تنحرف ولا تسقط بفعل المطامع والأهواء والشهوات، وتوحي إليهم بالسلام الروحي الذي يطوف بهم في كل آفاق الصفاء والنقاء والإشعاع والإيمان والهدوء النفسي القائم على الخير والعدل والحياة.

أما رحمته في شخصه، فقد كان يمثل الخلق العظيم الذي ينساب في قلب كل من حوله حباً وعاطفةً وروحاً وخيراً وسلاماً... وهكذا اجتمعت فيه رحمة الرسول، ورحمة الرسالة في الفكر والحركة والإنسان والحياة.

وهذا هو ما يجب أن يعيشه المسلمون في دعوتهم للإسلام، وفي ممارستهم له، وفي حركتهم من أجله، وذلك بتجسيد الرحمة في مواقفهم وكلماتهم وعلاقاتهم وروحيتهم في كل المجالات، لا أن تكون الرحمة حركة انفعال، بل أن تكون موقف حق وخير واستقامة وإيمان، لأن الرحمة تمثل العمق في شخصية الإنسان الفكرية والعملية، فتتفاعل في كل دوائره الصغيرة أو الكبيرة، ليكون القدوة في الرحمة، والرحمة في القدوة، {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ} فهو الذي وحّد الحياة في ربوبيته، وفي خلقه، وهو الذي يريد للناس أن يتوحدوا في عبادته، وفي شريعته، وفي منهجه في حركة الحياة، لأنه يريد للبداية أن تحكم النهاية، كما تحكم الخط الذي يربط بينهما، فلا يريد الانحراف والالتواء والابتعاد عن الاستقامة في الخط الذي هو المظهر الحقيقي للوحدة.

قل لهم ـ يا محمد ـ هذا الوحي التوحيدي، ليقبلوا عليه، وليسيروا في خطه، وليؤمنوا بنهجه، وليجعلوه قمّة الوعي العقيدي والشعوري والعمليّ في حياتهم كلها.
.
المصدر: تفسير من وحي القرآن للعلامة محمد حسين فضل الله
.
#المولد_النبوي_الشريف #المولد_النبوي

تاريخ النشر 13-10-2021
اقتباسات أخرى ذات صلة