To whom it may concern
لمن يهمه الأمر

تعليقًا على المنشور السابق، الذي نشرنا فيه مقتطفًا من وصف لإحدى شخصيات نجيب محفوظ ذات التناقض الداخلي، وجدنا سيلًا من التعليقات يهاجم الصفحة باعتبار أن نشرنا لهذا المقتطف يعني تأييدًا لهذا النمط من التدين، ولكنهم للأسف فاتتهم المفارقة الساخرة، من يقرأ لنجيب محفوظ سيدرك فورًا أن هذه الشخصية تشبه الكثير من الشخصيات في رواياته والتي تعكس التناقض في النفس البشرية بأسلوب عبقري. لنأخذ السيد أحمد عبدالجواد، أحد أبطال ثلاثيته الشهيرة. رجل محافظ يصلي الصلوات ويفعل الخير ويلهج لسانه بذكر الله، بل ويملي عليه تزمته أن يمنع بناته من الخروج من المنزل، ولكنه في الوقت نفسه يقضي لياليه في اللهو والشرب والعربدة. هذا نموذج من الأشخاص كان ولا يزال موجودًا في مجتمعاتنا وبكثرة، لكن وجوده لا يثير حمية البعض مثلما تثيرهم عبارة تصفه! (بل إن هناك أشخاص لديهم تناقضات من نوع آخر، مثل من يختزلون الدين في الطقوس والعبادات ويفصلونه عن جوهره المتمثل في الأخلاق والعدل ومناصرة الحق، ولكن هؤلاء الأشخاص لا يثيرون حمية الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر مثلما يثيرها اقتباس من رواية).

الأدب لا يعظ القارئ عن الأخلاق والتدين، ومن يبحث عن الخطب والمواعظ في كل منشور فهو في المكان الخاطئ. والسلام.

الاقتابس في المنشور السابق:
أجل يشرب كثيرًا، لا يلتزم بالفرائض، ولكنه مؤمن حقًا... وإيمانه قوي عميق. - نجيب محفوظ، حكايات حاراتنا

تاريخ النشر 01-10-2021