الحس المرافق هي حالة عصبية نادرة تتمثل بتشابك الحواس المختلفة داخل الدماغ بحيث يؤدي تحفيز حاسة معينة إلى إثارة حاسة أخرى، كرؤية اللون الأحمر مثلًا عند سماع صوت معين، أو شم رائحة طيبة عند رؤية كلمة مكتوبة. ومع أن هذه الظاهرة كثيرًا ما ينظر إليها على أنها اضطراب في الإدراك، إلا أنها في الواقع تمنح أصحابها رؤية فريدة للأعمال الإبداعية. ويكثر في اللغة عمومًا، والعربية خصوصًا هذا المزج، فنقول مثلا: كلام عذب أو لون دافئ وغير ذلك الكثير.
والأعمال ذات القيمة الأدبية والجمالية الرفيعة يتضح فيها هذا التمازج بين الحواس المختلفة، ويسمى في النقد العربي باسم "تراسل الحواس". ففي التراث الشعري العربي نجد أبيات الظاهري الأصبهاني التي يقول فيها:
إذا غفلوا عنا نطقنا بأعينٍ
مراضٍ وإن خفنا نظرنا إلى الأرضِ
شكا بعضنا لمّا التقينا تستُّرا
بأبصارنا ما في النفوس إلى بعضِ
فهنا مزج بين النطق والسماع (نطقنا، شكا) وبين البصر (بأعين، بأبصارنا)
كما يقول الأخطل الصغير:
وأنينًا باحت النجوى به
عربيًا رشفته مقلتانا
فمزج بين السمع (النجوى) والتذوق (رشفته) والبصر (مقلتانا)
ويتضمن القرآن الكريم ضربًا من تراسل الحواس هو المزج بين الحواس الظاهرية والباطنية، كقوله تعالى:
"وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون"
وقوله
"فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون"
حيث يمزج في الآيتين بين الإحساس الداخلي بالاطمئنان أو الجوع أو الخوف وبين حاسة التذوق