تفسير الإنجيل: "كانت الوداعة من الصفات المميزة في حياة السيد المسيح وكان يدعو تلاميذه لاقتناء هذه الفضيلة. الإنسان الوديع يكون مريحًا في معاملاته، محبوبًا من الناس.. ومحبوبًا من الله... يظن البعض أن الوديع يخسر حقوقه في هذه الحياة، لكن الله يعد الودعاء بوراثة الأرض. والمقصود ب"الأرض"، ليس فقط الأرض الجديدة في ملكوت السموات، بل أيضًا الأرض التي تعيش عليها، إذ أن الوديع يحبه الجميع وتزداد بركات الله له، المادية بالإضافة إلى الروحية"
•••
وفي القرآن الكريم اختلف أهل التأويل فيما إذا كان المقصود بالأرض التي يرثها الصالحون هي الدنيا أم أرض الجنة.
.
تروي التفاسير التراثية أن الآية هي بشارة للمؤمنين في الكتب السماوية التي أُنزلت على الأنبياء من بعد موسى عليه السلام، وقيل في زبور داود عليه السلام، بأن الصالحين سيرثون أرض الجنة، وهذا الرأي يؤيده قوله تعالى "وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ"
وروي عن ابن عباس أن المقصود الدنيا، وفي التفاسير الحديثة كتفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور وأضواء البيان للشنقيطي، نجد أن هناك تغليبًا بأن المقصود هو الحياة الدنيا، وتبشير المؤمنين بأنهم سيملكون سلطان الدنيا إذا استمروا على صلاحه وهذا الرأي يؤيده قوله تعالى: "وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ".
.
وفي تفسير من وحي القرآن للسيد فضل الله يقول:
{أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} فيسيطرون عليها سيطرة حكم وقيادة ورسالة، فينفّذون برنامج الرّسالات الذي يحوّل الأرض إلى ساحة للإيمان بالله، وإطاعة لأوامره، وربما يضاف إلى ذلك وراثة الأرض، في ما وعد الله عباده المتّقين من وراثة الأرض الّتي تطلّ على الجنَّة التي يتبوّأون فيها مواقعهم كما يشاؤون. فهم الّذين يرثون الحياة كلّها في الدّنيا والآخرة، ليشعروا بالثّقة بأنّ الأرض ليست مجرَّد فرصة للأشرار في حكمهم وعبثهم وفسادهم، بل قد تكون، ولو في نهاية المطاف، فرصة للأخيار ... لينطلقوا بالحركة الرساليّة..