أفئدة من الناس تهوي إليهم 💜
أي: تسرع إليهم وتطير نحوهم شوقاً فيأنسوا ويتعارفوا فيتآلفوا ويعودوا على بعضهم بالمنافع. استخدم لفظ الأفئدة لإرادة أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة حتى كأن المسرع هو الفؤاد لا الجسد.
المصادر: محاسن التأويل، جمال الدين القاسمي؛ التحرير والتنوير، ابن عاشور
السياق القرآني:
{رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئدةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}
القصة:
لقد أمر الله النبي إبراهيم (ع) أن يأتي بزوجته هاجر وولده إسماعيل من فلسطين إلى مكَّة، ومكَّة لم يكن فيها آنذاك لا زرع ولا ماء ولا حتى بشر، فالكعبة لم تكن قد رُفعت قواعدها بعدُ.. لم يتردَّد النَّبيّ إبراهيم (ع) في تنفيذ أمر الله، وجاء بزوجته وولده، وأنزلهما في تلك الأرض، تاركاً معهما قليلاً من الطّعام والماء. وقبل أن يرحل، تمسَّكت به زوجته هاجر متوسّلة، قائلة له: لمن تتركنا هنا، ولا معين يعينني، أو يعين ولدي الرّضيع، ولا طعام ولا ماء؟ فقال لها: الله يكفيك كلّ ذلك، فقالت له، وهي المؤمنة بالله، الرّاضية بما يأتي منه: إذاً فهو لا يضيّعنا.
.
وغادر النبيّ إبراهيم مكّة وهو حسن الظنّ بربّه بأنّه لن يدع زوجته وولده لمصيرهما، وسيحفظهما برعايته، لذا اكتفى بأن توجَّه إلى الله بهذا الدعاء: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئدةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}. وما هي إلا أيّام قليلة حتى نفد الماء، وبقي القليل من الطّعام، وبدأت معها هاجر مسيرة الحيرة واللّهفة، وإسماعيل الصّغير يعاني، وهي وحدها في صحراء، ومع ذلك، لم تفارقها كلمات النَّبيّ إبراهيم (ع) المطَمْئنة، بأنّ الله سوف يجعل لها مخرجاً. وما إن أنهت الشّوط السّابع، وعادت إلى جبل الصّفا، حتى لمحت شيئاً ما عند قدمي وليدها؛ إنّه الماء يفيض بأمرٍ من الله، وكانت زمزم.
.
المصدر: خطبة الجمعة للشيخ علي فضل الله