Peace and salutation to Abraham!
﴿سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾

في رثاء "الحاج"

الحديث عن ظاهرة القائد الكبير إبراهيم عـ.قـ.يل (الحاج عبد القـ/در) رحمه الله يثير في النفس خواطر كثيرة يصعب ترتيبها.

هذا الشـ.هيد الذي قضى حياته كلها، منها 40 عامًا على الأقل قياديًا في أكبر حركة مـ.قاومة في العالم، وقائدًا لقوات النُّخبة (الرضـ.و/ن)، ومساهمًا كبيرًا في كل انتصارات الحزب. سيف مسلول من الله يعمل في السرّ ولا يكاد يعرفه من عموم الناس إلا قليل.

وعندما ارتقى، خرجت إلينا مقاطع كلمح البصر من هذه الحياة الحافلة، على أقصى تقدير لا يزيد مجموعها كلها عن الساعتين، وأطولها نحو 4 دقائق. فقط، ولكن ما إن يُذكر اسمه أو يُنشر مقطع له حتى نجِد "مظاهرة" حقيقية وحاشدة في حُبِّ هذا الرجل، عشقًا لما يمثله من المنهج القرآني.

والتعليقات في مجملها عن الحاج تدور على جانبين:

الجانب الأول: هو جانب العرفان الذي تلخصه آية "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ"

فالآية تخبرنا عن قوم أُشربوا في قلوبهم حب الله ورسوله فأفاض عليهم من أنواره، تنظر إليهم فتعرفهم فورًا، فهالة القرآن ليس مثلها شيء. بسكينته وطمأنينته وابتسامته الواثقة ونبرته الهادئة، تكاد تنسى أنك أمام بطل عسكري كبير. تكفي بضع ثوان من كلامه لتهدئ روعك وقد بلغت القلوب الحناجر.

أما الجانب الثاني: هو جانب التساؤل، أين كان الحاج؟ لماذا لم نسمع به؟ هل هناك المزيد من محاضراته؟ كيف عرفناه فقط بعد الرحيل؟

وهذا الجانب تلخصه آية: "سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا"

يبدو أن الحاج كان يريد أن يظل عمله سرًّا، فوصيته إلى السيّد الأمين كانت ألا يتحدث عن إنجازاته ومناقبه كما كان يفعل مع سائر الشـ.هـ.داء. وإنما أن يعزز الرضـ.و/ن بمائتي مقاتل جديد، إخلاصًا لوجه الله ودون أدنى رغبة في الشهرة.

لكن كرامة الله له أبَت إلا أن يُعرف بين الخَلق، وأن تشتاق له أرواح على بعد الدار، وأن يُكتب له المحبة والقبول بين جمهور المـ.قاومة وقد طواه الغيب. "إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ".

هناك أشخاص عندما تراهم لا تملك إلا أن تقول: سبحان من خلقك، والحاج نحسبه هكذا بإذن الله تعالى، رحمه الله وعظّم أجره وألحقنا ربُّنا به بقدر محبّتنا له.

تاريخ النشر 17-11-2024