surely He is ever gracious to me
إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا

{حَفِيّاً}: برّاً لطيفاً
الحَفِيِّ هو اللَّطِيفُ بِكَ يَبَرُّكَ وَيُلَاطِفُكَ، وَيَحْتَفِي بِكَ
احتفى فلانًا / احتفى بفلان: احتفل به، بالغ في بِرِّهِ وإكرامه وَاللُّطْفِ بِهِ

القصة والسياق القرآني: إبراهيم(ع) يعظ أباه

{وَاذْكُرْ في الْكِتَابِ إبراهيم إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً * إِذْ قَالَ لأبيه يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يا أَبَتِ إِنّي قَدْ جاءني مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فاتبعني أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشيطان إِنَّ الشيطان كَانَ لِلرَّحْمَـنِ عَصِيّاً * يا أبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَـنِ فَتَكُونَ للشيطان وَلِيّاً * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلهتي يا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً}

نرى في هذه الآيات أن أبا إبراهيم لجأ إلى أسلوب الكافرين التقليدي نفسه الذي لا يجد الكافر فيه ما يقوله دفاعاً عن موقفه، لأن عقيدته لا تنطلق من موقع فكر وقناعة، فيلجأ عندئذ إلى التهديد والوعيد، ليغطي بذلك ضعفه أمام الكلمة الواعية المسؤولة.

أما إبراهيم عليه السلام: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْك} فلن أستخدم الأسلوب الذي استخدمته معي، ولن أهددك كما هددتني، فإذا كنت قد أعلنت الحرب عليّ، فإني أرد عليك بالسلام الذي يعيشه المؤمن تجاه الآخرين، فيعفو عنهم ويصفح إذا أساؤوا إليه، وأجرموا في حقه، ليدفع السيئة بالحسنة، ويفسح لهم المجال للتراجع عن موقفهم السيىء، ولو بعد حين.

{سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبّي} فلعله يستجيب لي فيفتح قلبك على الإيمان، ويهديك سواء السبيل، فإن لم أستطع أن أصل إلى هدايتك بطريقتي الخاصة، فإني أطمع أن تهتدي بلطف الله وعنايته، فسأدعوه وأبتهل إليه {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} فلا بد أن يسمع دعائي، وهو الذي يعرف صلاح الأمر كله، ولا أزال أطمع في أن تكون لك فرصة للخير في حياتك.

تفسير من وحي القرآن للعلامة محمد فضل الله

تاريخ النشر 26-03-2020