المقصود أن ضبط النفس (وهو من أنواع الصبر) يشكل تحديًا أكبر على المرء عندما تتوفر لديه الصحة والسلامة والمال والجاه وكثرة الأتباع والأنصار وجميع ملاذ الدنيا. فما أحوج العبد إلى الصبر على هذه الأمور فإنه إن لم يضبط نفسه عن الاسترسال والركون إليها والانهماك في ملاذها المباحة منها أخرجه ذلك إلى البطر والطغيان {إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} حتى قال بعض العارفين: الصبر على العافية أشد من الصبر على البلاء.
ومعنى الصبر على العافية أن لا يركن إليها ويعلم أن كل ذلك مستودع عنده وعليه أن يرعى حقوق الله في ماله بالإنفاق وفي بدنه ببذل المعونة للخلق وفي لسانه ببذل الصدق، وكذلك في سائر ما أنعم الله به عليها. وهذا الصبر متصل بالشكر وإنما الصبر على السراء أشد لأنه مقرون بالقدرة ومن العصمة أن لا تقدر.
.
المصدر (بتصرف): إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، أبي الفيض محمد بن محمد الحسيني/مرتضى الزبيدي