a sickness exists in their hearts,  in their hearts is a disease
فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ

{وَمِنَ النّاس مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللّه وَبِالْيَوْمِ الأْخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّه وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضًا}

هذه الآيات تختزل «العقدة النفاقية» في ما يعيشه المنافقون في واقع الإسلام منذ بدايات عهد الدعوة الإسلامية حتى اليوم.
.
وإذا تدبرنا جيدًا آيات القرآن الكريم سنجد مدى وحجم ظاهرة النفاق ومعاناة الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع هذه الشريحة من الناس.
.
التفسير:
.
{وَمِنَ النّاس مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللّه وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ}
هذه هي إحدى صفات المنافقين، فهم يعلنون كلمة الإيمان وشعاره أمام النّاس، فيسجّلون على أنفسهم الاعتراف به والالتزام بأحكامه، ليحصلوا على ثقة النّاس بهم، فيثق النّاس بمنطلقاتهم، ويحسّون بالأمن إزاءهم، ما يفسح لهم المجال الواسع للتحرّك بحرية كبيرة في مجالات الدسّ والتضليل، ولكنَّهم لا يلتزمون بالإيمان في قناعاتهم الفكرية من خلال مؤثراتهم الذاتية المعقّدة، فهم يعيشون ازدواجية الموقف بين الظاهر المؤمن الذي يتحرّك في دائرة العلاقات الاجتماعية بين المؤمنين، والباطن الكافر الذي يعيش في داخل الذات وفي المجتمع الكافر.
.
{فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} في هذه الآية محاولة لتفسير ظاهرة النفاق وتعليل أسبابها، بكونها عقدةً تتحكم في داخل الإنسان ومرضاً نفسياً أو روحياً يعاني منه؛ ذلك أنّ الإنسان إمّا أن يؤمن بالشيء وإمّا أن لا يؤمن به. وعلى كلتا الحالتين، فإنَّ الوضع الطبيعي، هو أن يسير على ما يوحي به موقفه، فإذا كان مؤمناً، انطلقت سيرته في خطّ إيمانه، وتحرّكت حياته في هذا الاتجاه.. أمّا إذا كان كافراً، فإنَّ الكفر يفرض عليه أن يحدّد لحياته الخطوط التي لا تلتقي بالإيمان من قريب أو من بعيد، سواء في ذلك مشاعره الداخلية أو خطواته العملية.
.
وقد لا تكون هذه العقدة، أو هذا المرض، من الأشياء الأصيلة في ذات الإنسان، بل قد ينشأ ذلك من حالة الخوف من مواجهة المجتمع بما يخالف تفكيره وأوضاعه.. وقد تنشأ من حالة الطمع الذي يمنع الإنسان من الوقوف في المواقع الحاسمة التي لا تنسجم مع مصادر الطمع وموارده. وقد تنشأ من حالة نفسية قلقة يعيش الإنسان معها طبيعة الحَيْرة والتردّد في كلّ موقف من مواقف الحياة.
.
*مقتبس من تفسير من وحي القرآن للعلامة محمد حسين فضل الله

تاريخ النشر 01-12-2019