and exhort one another to Truth
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ

{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }

{وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ}

وهذه هي الصفة الأولى التي تثبت الخط المستقيم في قيمة الفلاح الاجتماعي، عندما تهتز الأرض من تحت الحق، ويبدأ الزلزال النفسي والفكري والشعوري ليدفع الناس إلى التساقط أمام الأهواء الجامحة والزخارف الخادعة، والأفكار الضالة، والعقائد المنحرفة، والسياسات الخائنة... حتى لا يكاد الإنسان يبصر طريقه، أو يتعرف على ملامح الحق في دائرة الوضع... ويبقى كل فرد مع نفسه حائراً... متزلزلاً وتتحول الجماعات إلى مِزَق متناثرة لا تركن إلى وحدةٍ في الفكر وفي الموقف.

وهنا تأتي هذه القيمة الاجتماعية التي يتحرك فيها المؤمنون العاملون بالصالحات للتواصي بالحق، سواء كان الحق حقاً في العقيدة، أو في الشريعة، أو في العلاقات، أو في المناهج، أو َفي السياسة، أو في الاقتصاد والاجتماع، أو في السلم والحرب، ونحو ذلك، حتى يثبت الناس على الفكر الحق، وعلى وعي الحق، وعلى الانفتاح على كل مواقعه على صعيد النظرية والتطبيق، ليبقى الالتزام به السمة البارزة للمجتمع المؤمن، الذي يوحد الفكر والموقف والنظرة إلى الأشياء على أساس الحق، فلا يعيش المؤمنون الانحراف عنه باسم الاستقامة، ولا يختلط عليهم الحق بالباطل، ولا يتحركون في خط الازدواجية الفكرية عندما تتحرك الأفكار في خطين متوازيين أو متناقضين، مما يؤدي إلى ازدواجية الشخصية أو انفصامها. وهذا ما يقوّي أهل الحق في موقفهم، وفي إصرارهم على الثبات.

المصدر: تفسير من وحي القرآن للشيخ محمد فضل الله

تاريخ النشر 01-11-2019