أين أنتَ حين تكون في الطريق السريع أو في محطة قطار أو في مطار أو في طائرة أو في مجمع تجاري أو في كشك لماكينة صراف آلي؟ أنت في محطات عبور.. مؤقتة... سريعة... ليست لديها هوية ثابتة أو ملامح تاريخية واضحة ولا تتكون فيها علاقات عميقة ومستمرة. أنت لست في مكان وإنما في "اللاّمكان". وهذه "اللاّأمكنة" أنتجتها "الحداثة المفرطة" وجعلتها من سمات هذا العصر.
يقضي معظمنا أوقات متزايدة في هذه اللاّأمكنة" فما هو تأثيرها على وعينا واللاوعي؟ هل هي فعلاً أماكن بلا روح تستعمر جغرافية حياتنا و تُكرّس العزلة بين الناس أو هل يمكن تحويلها الى أماكن عامة تنسج علاقات اجتماعية وانسانية بنّاءة؟
في كتابه "اللّاأمكنة-مدخل إلى أنثروبولوجيا الحداثة المفرطة" يناقش عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي مارك أوجيه هذه الأسئلة ويقدم طرحاً جديرًا بالتأمل حول الفضاءات والأمكنة برؤية تتقاطع فيها الفلسفة بالعمارة والآداب والأنثروبولوجيا الثقافية.