الشيءَ لا يتبينُ إلا إذا عرفنا ضِده، فلولا الليل لما عرفنا النهار، ولولا المَرض لما عرفنا الصحة، ولولا الشر لما عرفنا الخير، ولولا الجهل لما عرفنا الحكمة، ولولا الفقر لما عرفنا الغنى، ولولا الشيطان، لما عرفنا الإنسان.
وكُل شيءٍ لا يقومُ إلا بِضده، ومَا خلقَ اللهُ شيئاً إلا خلقَ ضِده مقروناً بِه. والقرآن لا يخلو من اجتماع الأضداد في مواضع كثيرة، كالمؤمن والكافِر، والجنةِ والنار، والليلِ والنهار، والأعمى والبصير، والأحياء والأموات، والظلِ و الحرور، والظلمات والنور، والشجرة الطيبة والشجرة الخبيثة.
وأصلٌ العبارة هو بيتٌ قاله شاعرُ الحكمة المُتنبي:
منْ يَظلِمُ اللّؤماءَ في تَكليفِهِمْ ... أنْ يُصْبِحُوا وَهُمُ لَهُ أكْفاءُ
ونَذيمُهُمْ وبهِمْ عَرَفْنَا فَضْلَهُ ... وبِضِدّها تَتَبَيّنُ الأشْياءُ
أيّ: أننا نذم اللئام، ولكن بِهم عرفنا قدر الكرام، لأن المُتناقضات تُعرفُ بِبعضها
وناك أبياتْ جميلة لِشاعرٍ مجهول لها نفس المعنى:
فالوجهُ مِثل الصبحِ مُنبِلجٌ والشَّعر مِثلُ الليلِ مُسوَّدُ
ضِدانِ لمّا استَجمَعا حَسُنا والضِدّ يُظهِرُ حسنَهُ الضِدُّ
فكرة المنشور والنص بقلم
@amerryarak