الخوالف جمع خالفة، ولها معنيين:
المعنى الأول هو النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، وهذا هو المعنى المباشر لأنهم بطبيعة الحال ليسوا مكلفين بالحرب.
أما المعنى الثاني، وهو ما نريد تناوله، فهو الخالفة بمعنى "أدنياء الناس وسفلتهم"، ويقال فلان خالفة قومه إذا كان دونهم، أي يعتبر من الأسفلين بينهم.
وإلى المعنيين معًا يشير القرآن الكريم، فمن يرضى أن ينعزل عن المعركة ويحب أن يقعد بأمان وإخوانه يقاتلون عنه ويضحون لكي لا ينال منه العدو، كيف لا يعتبر سافلًا؟
في الوقت الحالي، أغلبنا ليس على جبهة القتال (سواء القتال الفعلي أو الصمود كحاضنة باسلة مؤازرة وحامية للمقاتلين). ولكن هل هذا يعفينا من الواجب الشرعي الذي سنحاسب عليه غدًا أمام الله؟ هل وصف الخوالف لا ينطبق إلا على من هو قريب من الميدان؟
كلا.. الكل في هذه الفتن والمعارك الكبرى للأمة مكلّف بشيء ما. ولو بشق تمرة، ولو بنفقة أو بتبرع، ولو بكلمة حقّ، ولو بدعاء في جوف الليل. وفي وقتنا هذا إن لم يستطع الكلام بنفسه فليشارك الكلام الجيّد الذي يثبت الأقدام ويقوي عزائم الإيمان أو يرد الشبهات ويفند الأكاذيب. الكلّ عليه واجب شرعيّ سيقف أمام الله ويجيب عنه بما أعطاه من نعمٍ ومواهب يستطيع تسخيرها نصرة للحق.
فمن يهملون هذا التكليف، ويرضون أن يكونوا مع الخوالف، وأن يُتركوا هملًا لا يأبه بهم عدو، ولا يرجو نصرتهم صديق، هؤلاء يحدثنا القرآن بمصيرهم.. بأنهم "طُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ".
ذل القعود خلاف جند الله لا يفوقه ذل.. وعسى الدور الضئيل الذي تستصغره اليوم في تبيين الحق، سواء لمن حولك وفي دائرة تأثيرك المباشر، أو على مواقع التواصل، عسى هذا الدور أن يشفع لك غدًا، يوم تعلم نفس ما قدمت وأخّرت.