سؤال من أحد المتابعين:
مرحبا يعطيكم العافية
اليوم اليهود عم تمنع المسيحين لتدخل كنيسة القيامة وعم تمنع المسلمين كل يوم. خطر عبالي سؤال انه ليه ربنا خلق هالصراع بأديان كتيرة وهو قادر انه من البداية ينزل دين واحد يمشي عليه الجميع بدون حروب وصراعات وكره
انه سؤالي لعدم علم وجهل مني مش قلة دين
وخطرلي ابعتلكم انتو
إجابتنا:
سؤالك يفترض أن الصراعات موجودة فقط بين الأديان وكأن أتباع الديانة الواحدة لا يتقاتلون. ولكن البشر مختلفين وهذا أمر لن يختلف إلى أن تقوم الساعة {ولا يزالون مختلفين}، وهذه مسألة يؤكد القرآن الكريم عليها مِرارًا:
{ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم}
والقرآن يجيب عن هذا السؤال باستمرار، ومحور الإجابات أن الله لو شاء لحل كل هذه النزاعات، ولكن ذلك لحكمة سبقت بها مشيئته: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}
الله خلق الإنسان لغايات من أهمها الابتلاء. كل إنسان مبتلى سواء بالخير أو بالشر. مبتلى يعني مختبر ممحص:
{الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا}
{أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
{وليمحص الله الذين آمنوا}
{ليميز الله الخبيث من الطيب}
الابتلاء يعني اختبار الإنسان في إيمانه. يقول الشيخ حسن فرحان المالكي: "لا يوجد ابتلاء حقيقي إذا غلبت ثقافة الحق. إذا غلبت ثقافة الحق بطل الابتلاء تقريبًا. إذا كان الحق معه السلطة والمال والقوة، أنت لست في محل تمحيص ولا تُفعّل بل تصبح كالقطيع. إنما الابتلاء يكون عندما يكون للباطل ثقافته وأمواله وسلطته وسعته فتصبح أنت مكلفًا للبحث عن الحق"
{ليبلوكم في ما آتاكم} ما آتانا من عقل وسمع وبصر وضمير. فالقلوب مملوءة بنفخات الشيطان والنفس {لأمارة بالسوء} النجاح في هذا الابتلاء يحتاج جهاد نفس. قيل "ميدانكم نفوسكم" لأن النفس البشرية هي ساحة المعركة الكبرى بين الحق والباطل ولذلك جهاد النفس هو الجهاد الأكبر. وجهاد النفس ليس فقط كبح جماح شهوة بل هو جهاد فكري ونفسي أيضًا كمحاربة نوازع الغرور والكبر والحسد والتمسك بمعتقدات موروثة خاطئة الخ. {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}
.
وبالتالي فالشهادة بأن (لا إله إلا الله) لا تعني فقط أن نعبد الله ولا نعبد صنمًا؛ فالصنم ليس الخشب والطين بل الفكرة والخضوع لغير الله سواء كان خضوع لمجتمع أو قبيلة أو موروث أو مذهب أو سلطة أو الخضوع للهوى {أرأيت من اتخذ إلهه هواه}
{ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم}
{ليبلوكم} أي ليمتحنكم.
هل سننجح في هذا الامتحان؟