عن ساحات معركة التبيين، وواجبنا الفترة المقبلة.
يقول الله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ "
تشاهدون كما نشاهد، وترون ما نرى، أن الشيطان وحزبه قد جمعوا جيشهم وخيلهم وركابهم وطائراتهم وصو//ريخهم، هذا لا نقول فيه إلا أن الله تعالى على نصر إخواننا لقدير، وليس فينا ذرة شك إن الله معز المؤمنين، وقاهر المستكبرين المتجبرين، وإن بشارات النصر قد لاحت، ودولة الحق قد أذّن مؤذّنها، "وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا"
ولكن الآن ما دورنا؟ هل نقف في دور المتفرج؟ هل نرضى من أنفسنا أن نهلل للصو/ريخ، ونبكي الجرحى، ونقول قد ناصرنا وأيّدنا؟ كلا..
يقول أمير المؤمين (ع): "أما بعد، فإن الجهـ/د باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة.
فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشملة البلاء.".
والجهـ/د هنا مفهوم واسع، يندرج ضمنه القتـ/ل في سبيل الله، وهو أوسع أبوابه، ولكنه ليس الباب الوحيد، وإنما هناك باب آخر يمكننا الآن في عصر التواصل أن ندخل منه، وليس لمؤمن حجة في التقاعس والأعداء يرموننا عن قوس واحدة.
هذا الباب الآخر هو باب التبيين، باب تفنيد الشبهات والرد على السرديات الباطلة، وفضح أبواب الباطل وإعلاء رسالة الحق.
العدو ينفق ثروات طائلة بالتوازي مع إنفاقه العسكري، ولديه وحدة في جيشه هدفها هو "الكلمة"، وميدانها هو الرأي العام، ويوظف شركات ويجند عملاء ويفتح قنوات لهذه الساحة. ولا يقوم بعمل عسكري دون أن يسبقه بأضاليل وأكاذيب تزيّنه في عيون الجاهلين وضعاف النفوس.
وهم لا يسأمون، ينتشرون بيننا انتشار النار في الهشيم، ويتحدثون بلساننا وبحسابات تحمل أعلامنا وتدعي أنها تعيش في مدننا. بل ومنهم من ينتمون إلينا بالفعل، ولكن هواهم مع العدو وينطقون بلسانه ويلبسون على الناس الذين لا يعرفون الحق من الباطل.
معركة التبيين معركة حقيقية، كان السيد الشهـ//يد يشير إليها ويؤكد على أهميتها، ويحرص على سن طريقها، ولو كان الجهـ//د بالسلاح فقط لكان أولى به أن يمضي وقته في التخطيط للمعركة بين الجنود، ولكنه كان حريصًا على بث الرسائل الإيمانية وتفنيد الأكاذيب في خطاباته، وكان يطلّ علينا خصيصًا لتبيين الحقائق، فجمع (رحمه الله) بين الجهـ/دين.
فإن فاتك القتال، فلا يفوتنّك التبيين. فلعلّ هذه الحرب تكون هي العلوّ الكبير الموعود، ولن يستوي من شارك فيها ومن عرف الحق بعدها.