في حب الإمام علي وإدراك جوهره كتب الكثيرون.. منهم جبران خليل جبران، أحد أعظم الأدباء العرب في العصر الحديث، وأحد رواد النهضة الأدبية العربية.
في عبارته الشهيرة عن الإمام لم يكن جبران في محل مفاضلة بين الإمام وغيره كما قد يبدو للوهلة الأولى، فما يقصده جبران هو الخروج بالإمام عن المضاهاة، فبعض المقارنات فيها انتقاص إذا كان البون شاسعًا بين طرفيها، وقال أهل البلاغة إن مقارنة الأعلى بالأدنى فيها عيب، كما يقول الشاعر:
ألم ترَ أن السيفَ ينقص قدرُه
إذا قيل أن السيف أمضى من العصا
بل يعتبر الشاعر بأنك إن لم توفي الممدوح حقه في المدح فقد هجيته:
ولكنّها الألفاظُ مهما تناسقتْ
إذا لم توفِّ المدحَ عادت أهاجيا
ولذلك دائمًا ما يشعر حتى أشعر الشعراء بالعجز عند مدحهم رسول الله صلى الله عليه وآله.
كما جاء في نهج البردة:
هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ،
تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
سحبان وائل الباهلي يُضرب به المثل في الفصاحة، لقب بأخطب العرب. فيقال: أفصح من سحبان وائل
وفي بردة البوصيري:
وَانْسُبْ إِلىَ ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
وَانْسُبْ إِلىَ قَدْرُهُ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَم
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيْسَ لَهُ
حَدٌّ فَيُعْرِبَ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَم
وقد لا يختلف الأمر مع الإمام الذي اعتبره الله سبحانه وتعالى نفس رسول الله ﷺ في آية المباهلة والذي قال عنه الرسول ﷺ هو مني وأنا منه.
ولذلك عدم وضع آل البيت في المقارنات والموازنات أمر ثابت مفروغ منه عند المنصفين. يقول أحمد بن حنبل على سبيل المثال: "يا بني, علي بن أبي طالب من أهل بيتٍ لا يقاس بهم أحد"، وقوله موافق لقول الإمام نفسه: " لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا. هم أساس الدين. وعماد اليقين. إليهم يفئ الغالي. وبهم يلحق التالي"
وإلى أن تدرك الأمة الإسلامية ذلك وتعرف أعلام آل هذا البيت ستظل هائمة بلا رؤية حقيقية لمعدن هذا الدين وما يُراد من أتباعه، وإلا لما ربط النبي صلوات الله عليه وآله بين أتباع عترته وبين الهداية وعدم الضلال: «إني تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ»