أَوَ كَانَ عَلِيٌّ يُصَلِّي؟

في مثل هذه الأيام تحل ذكرى استشهاد إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام، وفي هذه الذكرى نتأمل في رد فعل أعدائه عند سماعهم الخبر.

تذكر الروايات أن أحد أهل الشام أو بعضهم عندما سمع باستشهاد الإمام علي في مسجد الكوفة، أثار ذلك تعجبهم وتساءلوا "أوكان علي يصلي؟!"

هذا السؤال مثير للدهشة، إذ لو شك أي معاصر للإمام في أي صفة من صفاته، فإنه قطعًا لن يشُك في أنه من المصلين، بل وأول من صلى في هذه الأمة بعد النبي ﷺ. وهو القائل "صليت مع رسول الله ﷺ سبع سنين، لا يصلي معه غيري إلا خديجة". وفي رواية أخرى: "عبدت الله تعالى مع رسول الله ﷺ سبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة." ومن هذه الصلاة السرية ولد الإسلام.

سؤال أهل الشام كاشف لقدرة السلطة على قلب الحقائق وبث الأكاذيب وخلق مناخ يمكن فيه أن يصدق الإنسان أن إمام المتقين تارك للصلاة. فكيف لها أن تفعل ذلك؟ وهل يُستبعد إن حدث ذلك في الماضي ألا يتكرر اليوم في عصر الماكينات الإعلامية المسخرة لخدمة الأجندات الخفية؟

تغسل السلطة الأدمغة بعدة طرق، منها:

- فتح المجال لأبواقها الإعلامية كي تنشر الأكاذيب مهما بلغت درجة فجاجتها، فمن ذلك أن الإمام علي كان يُسبُّ على المنابر حتى ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة فأبطل ذلك، أي أن إعلامهم كان يسب رجلًا ثم يصلي بقرآن نزل في مدحه، ولا يجد الناس في ذلك منكرًا لغلبة الباطل واعتيادهم عليه

- إن لم يفلح التشويه المباشر، تعمد السلطة إلى إخفاء محامد خصومها، وتبالغ مبالغة كبيرة في مدح أعدائهم، وفي ذلك يقول أحمد ابن حنبل: "اعلم أن عليا كان كثير الأعداء؛ ففتش له أعداؤه شيئا؛ فلم يجدوه فجاؤا إلى رجل قد حاربه وقاتله؛ فأطروه كيدا منهم له".

- بالتوازي مع هذا وذاك، يُترك العنان للمنتفعين الذين لا يأبهون بالحق بتاتًا ويلوون عنقه إذا كان في هذا صالحهم حتى يوصف أكرم وأفصح وأشجع العرب بأنه "ألأم الناس وأبخل الناس وأعيا الناس وأجبن الناس".

وقد وصف الإمام ذلك ببصيرته فقال كلامًا منه: "سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل...وليس في العباد ولا في البلاد شيء هو أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر، وليس فيها فاحشة أنكر، ولا عقوبة أنكى من الهدى عند الضلال في ذلك الزمان".

تاريخ النشر 29-03-2024