لم تكن المسألة عند الحسين عليه السلام مجرد مسألة سياسيَّة، ولو كانت كذلك لتحدَّث مع الخصوم بلغةٍ سياسيّة، في حين نراه يتحدَّث معهم بلغةٍ قرآنيّةٍ وبلغةٍ وعظيّة، لأنّ الحسين(ع) كان يعرف أنّ مشكلة المجتمع الإسلاميّ آنذاك، كما هي مشكلة المجتمع الإسلاميّ في كثيرٍ من المراحل، هي أنّ النّاس قد أغلقوا قلوبهم عن الله سبحانه وتعالى، وأنّهم لا يفكّرون في الآخرة، وإنَّما يستغرقون في الدّنيا. ولذلك، عندما ندرس الكثير من كلمات الإمام الحسين(ع) في مسيرته إلى كربلاء، نرى أنَّ كلَّ أحاديثه كانت وعظيَّةً تفتح القلب وتفتح الرّوح، لأنّه كان يريد أن ينتج مجتمعاً إسلاميّاً.
فعندما كان يقف مع معسكر ابن سعد، كان يعظهم بين وقتٍ وآخر، وكان يحاول أن يضعهم في أجواءٍ روحانيّةٍ وعظيّةٍ تنقلهم إلى الآخرة، وتجعلهم في مواجهة حقارة الدّنيا، ففي غداة يوم عاشوراء، خاطبهم بقوله: "عباد الله، اتّقوا الله، وكونوا من الدّنيا على حذر، فإنّ الدّنيا لو بقيت لأحدٍ أو بقي عليها أحد، كانت الأنبياء أحقّ بالبقاء، وأولى بالرّضا، وأرضى بالبقاء، غير أنّ الله خلق الدّنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء، فجديدها بالٍ، ونعيمها مضمحلّ، وسرورها مكفهرّ، والمنزل بلغة، والدّار قلعة، فتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى، فاتّقوا الله لعلّكم تفلحون"
منقول عن العلامة محمد حسين فضل الله، موقع بينات