Assassination by music
الاغتيال بالموسيقى

بعد سيطرة الحداثة الغربية على مفاصل التفكير الإنساني؛ سادت حالة " الفراغ الإنساني" كمفهوم لدى الفلسفة الغربية والذي بدوره انتشر في مجتمعاتنا الإسلامية متأثرًا بحالة الهزيمة السياسية والعسكرية والشعور بالحاجة والدّونية التي خلّفها الاستعمار بعد " رحيله"، وهذا المفهوم يعكس حالة السرعة التي عانى منها الإنسان الغربي بعد الثورة الصناعية وتطور الحياة الصاخب، والذي أفرز تعاملًا مختلفًا مع الأحداث من حوله وسرعةً في استخلاص النتائج دون أناة وصبر، ونتيجةً للنظرة الماديّة الصرفة للوجود، حَكَم الفراغ نمط حياة الإنسان الحداثي وأدى لنشوء حالة من التخبط والعشوائية والفوضى في النظرة لكل شيء في الوجود، بالتالي أصبح يبحث ويلهث عمّا يعبر عن ذاته المبعثرة، في الأدب والتنمية البشرية وغيرهما، وحديثي ها هنا عن الموسيقى.

لقد تحولت الموسيقى إلى أداة صاخبة، الكلمات عشوائية تطفح بالعدمية والسجع العاميّ الركيك، اللحنُ سريعٌ وراقص، بدايةٌ ونهاية معروفة، وقد أُريد من هذا النمط أن يمثّل وجبةً مُشبعة من الفوضى لتغذي تلك العشوائية الداخلية عند معظم من يعيشون في هذا الجيل، وقد اكتسح هذا النمط الموسيقى الكلاسيكية عند الغرب والشرق، وقد ساد مجتمعاتنا نتيجة عدم الرقابة وخصخصة الشركات التي تستخدم الموسيقى كأداة للهو، وتوظيفها في تسطيح عقل السامع وتهيئته لتلقي الهزيمة من خلال الكلمات والإيقاع.

في قِبال هذا فإن من واجبنا الحفاظ على الموسيقى بنمطها الواعي الذي يخاطب الروح ويبث القوة فيها، كالأناشيد الوطنية والثورية، والالتزام الشرعي بضوابط الكلمة واللحن والإيقاع الذي يعمل على رُقي الروح وصناعة الأمل، والتفطّن للعدو الذي يُغرِق مواقع التواصل بنمط معيّن من الموسيقى التي تصنع الهزيمة في عقل السامع عبر بثّ الحزن والاكتئاب في الكلمات واللحن، هذا سلاح ينبغي أن يكون في يدنا وأن نقاوم جميعًا بالموسيقى الهادفة حاملة الفكر، لنحافظ على الأمن النفسي للمجتمع.

تاريخ النشر 29-10-2024
اقتباسات أخرى ذات صلة