they are the triumphant
﴿هُمُ الْفَائِزُونَ﴾

أكبر تجلٍّ لمعنى انتصار الدم على السيف شهدناه في حياتنا، وضعت الحرب أوزارها بإذن الله، وانتصرت المقـ//ومة الإسلامية وناسها، بعد تضحيات مضنية وآلام لا يعلم مداها إلا الله. ورغم تآمر العالم وصمته وتخاذله. ومع أن بعض الأصوات تتصاعد في كل هدنة لتستنكر وصف ما نراه بالنصر أو الفوز، إلا إننا نؤكد على ما أكد عليه القادة مرارًا، معادلة النصر في ثقافة الإسلام أعمق وأصدق وأقرب للواقع من الحكم الهشّ الذي لا يخضع إلا لمعايير المادة ولا يرى من الحرب إلا النزيف والركام.

لقب "الفائزون" يعطيه الله تعالى في القرآن الكريم لأناس لهم صفات معلومة، هم الذين آمنو وهاجروا وجـ//هدوا بأموالهم وأنفسهم، وهم الذين صبروا، وهم الذين أطاعوا الله ورسوله وتحلوا بالتقوى.. هم أهل غزة وأهل الجبهات من لبنان إلى اليمن إلى إيران الذين رأينا فيهم هذه الصفات وهذا الامتثال لأمر الله والصبر على المكاره، هم أهل التضحيات التي هي دليل الصدق والإخلاص، كما كان السيد الأمين يقول، وهي التي يُستجلب بها النصر الإلهي الذي نراه رأي العين.

ولكن بإزاء الفائزين، يضع القرآن أناسًا آخرين هم الخاسرون، ولهم أيضًا صفات معلومة تأتي في نفس سياق الآيات التي تتحدث عن الفائزين ليصبح الفارق واضحًا لا يخطئه القلب السليم. فالخاسرون هم الذين ظنوا أن سقاية الحاج وعمارة المسجد (أي الاكتفاء بالأعمال والعبادات الظاهرة دون القيام من أجل المستضعفين) تفضلهم على المؤمنين المجـ//هدين، هم الذين كانوا يسخرون من المؤمنين، وهم الذين أقسموا بالله كذبًا أن يقاتلوا لو كان هذا تكليفهم، بينما هم مع القاعدين. وقد أرانا الله أقوامًا هذه صفتهم خلال هذين العامين، وصدق الله ورسوله.

أتى الطوفان ليقول لهذه الأمة "وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ"، امتازوا أيها الأنانيون الطائفيون المنافقون المتخاذلون الخائنون، امتازوا عن المؤمنين الصابرين المحتسبين الواثقين بوعد الله والعاملين من أجل إعلاء كلمته. فكان كموجة واحدة عاتية امتاز فيها الخبيث من الطيب، وظهرت فيها معادن الناس، وهذه مقدمة حتمية للوعد المفعول الآتي قريبًا بإذن الله تعالى، فالنصر لا ينزل على خليط، وعندما ننظر الآن في الصورة الكاملة للطوفان، وعندما سننظر إليه في الأعوام المقبلة عندما يتزلزل هذا الكيان وتُستأصل هذه الغدة السرطانية من منطقتنا، فإننا سندرك كم كان هذا الطوفان وقادته وشهد//ؤه والمضحون والصابرون على البأساء فيه، كم كانوا حقًا هم الفائزون.

تاريخ النشر 09-10-2025