من ملامح الإسلام المحمدي أن يكون المؤمن مدققًا فيمن يأخذ علمه ومتثبّتًا فيمن تُقبل روايته. وأن يحقّق في كل معلومة ليس فقط في صحّة المعلومة وحدها، وإنّما في موثوقيّة من أتى بها، عملًا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا" [الحجرات: ٦]
ومن جوانِب الحكمة البالغة في هذه الآية أن الأمر جاء في كُلّ ما يأتي به الفاسِق، وأننا مُطالبون في كل حال بالبحث ورائه والوصول للمعلومة بأنفسنا، وذلك أن منابر السوء قد تأتينا بخبر حقيقيّ لكن تدسّ فيه سردية باطِلة، فمن قبل منها الحق تسمم بالباطِل من حيث لا يشعر.
وبهذا المعنى فسّر الإمام الصادق (ع) قوله تعالى: "فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ" [عبس: 24]، فقال إن المقصود: "علمه الذي يأخذه، عمّن يأخذه".
والمؤمن ينبغي ألا يكون مكثارًا من قبول الأخبار غثها وسمينها، ولا يظل يستهلك ما تأتيه به القنوات والألسنة والأبواق المشبوهة ظانًا أنه يستطيع استخلاص الحقيقة دون التلوث بأدران الباطل. لأنّه كما يتعجّب الإمام المجتبى (ع) لن يغامر مثل هذه المغامرة فيما يأكل حتى لو كان احتمال وقوع الضرر بسيطًا، فكيف يقبل ذلك في غذاء عقله الذي به ينجو من الهلكة وينال السعادة في الدنيا والآخرة؟



