يروى أن الرسول ﷺ قال عندما خرج من مكة مهاجرًا: "والله إنَّك لخير أرض الله، وأحبُّ أرضٍ إليَّ، ولولا أنَّ أهلك أخرجوني منك ما خرجت".
خرج الرسول ﷺ مرغمًا بعد أن أذن له الله بذلك. خرج بعد أن ذاق ما ذاق من الأذى الذي وصل إلى محاولات الاغتيال. ولو اطلعنا على سيرة الرسل والأنبياء والأولياء سنجد أن كثير منهم هاجر من وطنه لما واجه من اضطهاد وإعراض وصدود وسخرية وغير ذلك مما أفاض فيه القرآن الكريم. هاجر إبراهيم عليه السلام من بابل إلى الشام، وموسى عليه السلام من مصر إلى مدين، والمسيح عليه السلام من فلسطين إلى مصر، ولنذكر أيضًا الرسل الذين تركوا قومهم بعد أن يأسوا من هدايتهم مثل نوح ولوط وصالح عليهم جميعًا السلام. ولا ننسى في مثل هذه الأيام هجرة الحسين عليه السلام من المدينة إلى العراق لينقذ دين جده من الانحراف ولو كان الثمن روحه.
لمفهوم الهجرة مكانة مميزة في الاسلام. يقول وليد أحمد "تمثل الهجرة الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة، فتح باب للأمل لفئة رأت صنوف العذاب والاضطهاد بسبب ممارستها لحريتها في اعتناق دين جديد، استقبلتها الحبشة بفروض الإنسانية واستقبلتها المدينة بفروض الولاء". وقد حث الله عباده بالهجرة إذا تعرضوا للاضطهاد أو خافوا الفتنة: "أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا". والهجرة سلوك إنساني سيبقى ما بقيت بلاد يظلم فيها الناس وأخرى تحكم بينهم بالعدل.
للهجرة النبوية مكانة مميزة في الإسلام، فبذكراها يبدأ التأريخ الإسلامي ومنها بدأ تأسيس أول دولة إسلامية. كل عام وأنتم بخير، وإلى عام هجري جديد يعود فيه كل مهاجر إلى أحضان وطنه وأهله.