Intellectual of Darkness
المثقف الظلامي

في كل حرب على قطاع غزة أو عند كل عمل مقاوم يؤدي إلى رد فعل عنيف من الاحتلال، يخرج علينا "المثقف الظلامي" الذي لا يرى إلا الظلام في الأمة جمعاء والحالة الفلسطينية خاصة، وما أن ينتهي من وضع العقبات أمام كل حل، وبث اليأس في نفوس الناس، حتى يبدأ صاحبنا بنقد نفسه موبخًا إياها على وجودها ضمن مآسي وآلام هذا الوطن، أو أن الله قد خلقه فلسطينيًا أصلًا! وينتقد حالة الفعل المقاوم والتي في نظره لا تجلب علينا إلا الرعب والدم والدمار.

لقد نسي أصحابنا أن الذي يسبر غور الأمور متتبعًا سيرة الأنبياء والأوصياء والمخلّصين عبر التاريخ، يدركُ تمامًا أن دورهم جميعًا كان دورًا إصلاحيًا في مجتمعاتهم، و إنْ شئت فقل: إن كل واحد فيهم كان مثقفًا بالمعنى الحقيقيّ للكلمة، والمثقف بهذا المعنى هو الذي يضع يده على موضع المشكلات والآلام، ويقدّم رؤيته للحل مهما بلغت التضحيات، ويستنهض الهمم، ويُحيي العزائم، ويتحرك ضمن المتاح من الوسائل، ويفهم واقعه بصورة بعيدة عن الافتراضات والأماني، التي ينبغي أن يكون عليها الوطن أو العالم، ويدرك أن الدم هو الطريق الذي يضمن النصر والاستقلال.

أخيرًا أقول: إن كل الشعوب التي خضعت للاحتلال عبر التاريخ، دفعت الدماء، وعاشت التضحيات وتصالحت مع المآسي كضريبة حتمية لنيل حريتها وكرامتها، أما نحن الفلسطينيين فإننا لم نختر الدم طريقًا ولا المعاناة سبيلًا إلا بعد أن آمنا بأن هذا الطريق كُتب علينا، فإما أن نضع أيدينا على الجرح ونحاول الصمود إلى يومٍ تشخص فيه الأبصار، أو نبقى ننتقد واقعنا ونُشكل على زمننا ونشكو قلة إمكانياتنا، وهذا لن يؤدي إلى أي نتيجة.

تاريخ النشر 21-06-2024