سبب النزول:
يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذ، فقال تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) يروى أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم، وكان معها طبل، فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله ﷺ قائما على المنبر إلا القليل منهم
المصدر: تفسير ابن كثير
•••
كيف نستوحي هذه الآية:
من الملفت للنظر أن يكون المسلمون في مسجد رسول الله ﷺ وهو يخطب فيهم في صلاة الجمعة، ليوجّههم نحو مواقع الفلاح والسمو في الدنيا والآخرة، ويدق الطبل التجاري أو الطبل اللهوي، فينفضون عنه، ليبقى النبي قائمًا على المنبر مع جماعةٍ قليلة.
وقد يكون… أن الله سبحانه يريد أن يتحدث إلينا دائماً عن نقاط الضعف في الواقع الإسلامي الديني للجيل المسلم الأول من الصحابة، ليؤكد لنا أن وجود نقاط الضعف في كل جيلٍ مسلمٍ لا يلغي إسلاميته، ولا يخفف من مسؤولية القيادة على التعامل معه، والالتفات إلى نقاط القوة الأخرى الموجودة في داخله لدى الأفراد الآخرين، أو لدى الأفراد أنفسهم الذين يعيش الضعف في داخلهم. ثم تنطلق القيادة لتوجه وترشد وتقود من خلال كلام الله، ومن خلال القدوة، أو من خلال الترغيب والترهيب.
.
وهذا ما واجه به القرآن هؤلاء الذين تركوا الرسول ﷺ في خطبته وصلاته، واندفعوا إلى اللهو والتجارة، فاكتفى بتسجيل الانحراف العملي عليهم، ثم بادرهم بالكلمة الوعظية الموجهة التي تدعو إلى التفكير الهادىء والتأمل العميق في ما هي النتائج النهائية على مستوى المصير.
المصدر: تفسير من وحي القرآن
••••
(ففي) الآية تلويح لهم بما عند الله وأنه خير من اللهو ومن التجارة. وتذكير لهم بأن الرزق من عند الله (والله خير الرازقين).
وهذا الحادث يكشف عن مدى الجهد الذي بذل في التربية وبناء النفوس حتى انتهت إلى إنشاء تلك الجماعة الفريدة في التاريخ. ويمنح القائمين على دعوة الله في كل زمان رصيدا من الصبر على ما يجدونه من ضعف ونقص وتخلف وتعثر في الطريق. فهذه هي النفس البشرية بخيرها وشرها. وهي قابلة أن تصعد مراقي العقيدة والتطهر والتزكي بلا حدود، مع الصبر والفهم والإدراك والثبات والمثابرة، وعدم النكوص من منتصف الطريق. والله المستعان
المصدر: تفسير في ظلال القرآن